ندوة بـ«واشنطن» تتوقع عودة الإخوان للساحة

كتب – محمد منصور
بحث معهد الشرق الأوسط فى واشنطن فى مؤتمره السنوى الثالث عن مصر، تحت عنوان «مصر: تقليل المخاطر وفتح الباب لإطلاق القدرات» الفرص والحلول التى يمكن لصناع القرار الأخذ بها لمواجهة المخاطر المحتملة على الأصعدة الأمنية والاقتصادية والسياسية فى مصر.
شارك فى جلسات المؤتمر، الذى عقد الأربعاء الماضى، عدد من المسؤولين المصريين والأمريكيين، بالإضافة لباحثين وخبراء فى الشأن المصرى سواء على المستوى المحلى أو العالمى، من أبرزهم نيثان براون، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية فى جامعة جورج واشنطن، بالإضافة للناشطة السياسيةجميلة إسماعيل ، والباحث الاستراتيجى، الدكتور عبدالمنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة «المصرى اليوم».
وتوقع المشاركون بالمؤتمر عودة جماعة الإخوان المسلمين للمشهد السياسى، وقالوا إن الاهتمام بسيناء اقتصادياً واجتماعياً يعد أفضل الوسائل لمواجهة الإرهاب، واقترح آخرون تأمين الحدود مع ليبيا بطائرات مراقبة للقضاء على الإرهاب القادم منها، ورأى بعضهم أن الشباب والقوى التى شاركت فى الثورة تسعى فقط للبقاء على قيد الحياة.
افتتحت رئيسة المعهد، ويندى تشامبيرلين، أولى جلسات المؤتمر مرحبة بالضيوف وبكل من شارك فى فعاليات المؤتمر هذا العام.
دارت أولى الجلسات تحت عنوان «الانتكاسات والفرص: بين السياسة والأمن الداخلى» حول الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها هذا الشهر على مدار ثلاثة أشهر فى ظل مناخ سياسى يسيطر عليه ما أطلق عليه بعض المتحدثين بـ«الكبار».
وحول الوضع السياسى فى مصر حالياً، قالت جميلة إسماعيل إن مصر «تمر بمرحلة غموض مليئة بالمخاوف والآمال والعنف والعنف المضاد ولا يوجد مجال للتضافر، ربما يكون هناك تحالف للقوى السياسية المشتتة حالياً فيما بعد».
وأضافت أن المناخ السياسى الحالى يسيطر عليه «ديناصور مصاب بحالة ذعر شديد بسبب التحديات الأمنية ومحاولته الحفاظ على الدولة والدفاع عنها مستخدما الإعلام والقضاء والجهاز الأمنى ضد تهديد الوحوش الذين يرمزون للإرهاب أو الإخوان المسلمين أو بعض القوى الأخرى. هؤلاء الوحوش يمثلون تهديدا بسبب مشاعر الانتقام التى تسيطر عليهم ورغبتهم فى العودة لسابق عهدهم، وفى خضم المعركة بين الديناصور والوحوش، هناك شريحة كبيرة من المصريين تريد حياة أفضل».
وقالت «إسماعيل» إن حزب الدستور قرر مقاطعة الانتخابات البرلمانية، مشيرة إلى أن «هناك قيوداً أمنية واختيارات من جانب الأجهزة الأمنية لنواب البرلمان القادم، هذا بالرغم من عدم خبرتهم فى المجال السياسى».
وفى كلمته، قال مدير تحرير الأهرام، عزت إبراهيم، إن «الإقبال على الانتخابات سيكون ضعيفا للغاية بسبب المناخ السياسى المضطرب، وبالتالى من المتوقع أن يكون البرلمان القادم عبئا حتى على مؤسسة الرئاسة نفسها، فالرئيس السيسى يستهدف إنهاء خارطة الطريق من خلال إجراء انتخابات تشريعية وإقامة مجلس نيابى».
سالى توما، الطبيبة النفسية، الحقوقية- استهلت كلمتها بالإشارة للجرافيتى الثورى على حائط الجامعة الأمريكية الذى كان مصدر قلق لكافة الحكومات التى أعقبت ثورة يناير وقالت «فى إبان حكم مرسى، حاولت الأجهزة الأمنية إزالة الجرافيتى الذى يوثق لثورة يناير وانتهاكات المجلس العسكرى، لكننا قمنا ودافعنا عن الجدار، وفى الأسبوع الماضى قامت نفس الأجهزة بإزالة الجرافيتى ولم نستطع هذه المرة الدفاع أو حماية الجرافيتى» وتلك القصة ترمز إلى حد كبير لما آلت إليه الأوضاع فى مصر، موضحة أن «الشباب حاليا والقوى التى شاركت فى الثورة يسعون للبقاء على قيد الحياة فقط، حيث إن أى مواجهات مع الحكومة قد تزج بهم للسجون».
أضافت «سالى» أنه لا يمكن توقع انتخابات ديمقراطية فى ظل غياب مؤسسات ديمقراطية، لذلك قرر الشباب الثورى مقاطعة الانتخابات، وفى ظل قيام مجلس نيابى لا يمكن التظاهر ضده بحجة أنه منتخب من الشعب، يبقى التظاهر ضده ممكنا فقط إذا أراد الرئيس حله.
الأكاديمى الأمريكى نيثان براون قال إن «المجلس النيابى القادم ليس إلا ديكورا لتجميل شكل السيسى، وقال إن البرلمان القادم هو برلمان «القطط» فى ظل غياب الأحزاب السياسية، وأشار إلى أنه لن تكون هناك أغلبية فى البرلمان لمراجعة القوانين القمعية».
بحثت الجلسة الثانية التحديات الأمنية والأمن القومى ودور مصر فى المنطقة، شارك فى الجلسة جريجورى أفنديليان، بمركز الشرق الأوسط فى جامعة ماساتشوستس، وكونداس بوتنام، مديرة مكتب الشؤون المصرية بوزارة الخارجية الأمريكية وعبدالمنعم سعيد، مدير المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية. أدارت الجلسة كيم غطاس، مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى فى واشنطن.
وفاجأ «سعيد» الجميع حين طالب الولايات المتحدة بإمداد الجيش المصرى بطائرات استطلاع بدون طيار وأجهزة استشعار عن بعد لتطوير عمليات مراقبة الحدود مع ليبيا، قائلا: «حتى الآن ليس لدينا صور عن طريق القمر الصناعى بشكل كاف، وشدد على أن الاستخبارات فى سيناء وعلى الحدود مع ليبيا سيكون لها دور محورى فى القضاء على الإرهاب فى مصر، منوهاً بأن هزيمة داعش فى مصر، وهى الأسهل، ستؤدى حتماً لبداية انهيار داعش فى سوريا والعراق».
أضاف سعيد أن عدد القتلى جراء العمليات الإرهابية منذ ثورة يناير وصل إلى خمسة آلاف قتيل، 25% منهم من قوات الشرطة والجيش، «ولكى نقيس مدى نجاح عمليات الشرطة فى القضاء على الإرهاب يجب النظر إلى عدد العمليات الإرهابية التى تم إحباطها، ففى هذا العام نجحت الشرطة فى إحباط حوالى 31% من مجمل العمليات الإرهابية فى مقابل 23% العام الماضى، وهذا يشير إلى نجاح نسبى فى حملة القضاء على الإرهاب حتى قبل الشروع به».
فى هذا السياق، قالت المسؤولة عن الملف المصرى فى وزارة الخارجية الأمريكية، كونداس بوتنام لـ«المصرى اليوم»: «إن الولايات المتحدة تقدم لمصر المعدات اللازمة لمكافحة الإرهابمن ضمنها معدات استطلاع لمراقبة الحدود، وقدمنا بعض المعدات العسكرية اللازمة فى سيناء مثل طائرات الأباتشى، ونقدم دورات تدريبية للقوات المصرية» وشاركت بوتنام «سعيد» الرأى حول أهمية الاستخبارات فى حملة القضاء على الإرهاب، لكنها قالت إن «الاستخبارات الصحيحة لا يمكن فقط تحقيقها عن طريق الجو، بل لا بد من وجود عناصر استخباراتية ذات كفاءة على الأرض».
وعقب جريجورى أفنديليان على كلمة سعيد قائلاً إن «الربيع العربى وما تبعه من فراغ أمنى وهروب المساجين ثم انسداد المناخ السياسى، كل ذلك أدى إلى تردى الأوضاع الأمنية، ويرى أن التطوير الاقتصادى والمجتمعى فى سيناء هو أفضل الطرق لمكافحة الإرهاب».
وحول مستقبل الإخوان المسلمين وإمكانية دخولهم العملية السياسية مجدداً، قال سعيد إنه «لا يمكن القبول بالجماعة ودخولها العملية السياسية ما داموا يعملون بشكل سرى»، واستبعد أفنديليان رجوع الإخوان مجدداً، وكانت بوتنام الوحيدة التى توقعت رجوع الإخوان فى المستقبل البعيد.
ناقشت آخر الجلسات التنمية الاقتصادية وريادة الأعمال، وشارك بها كل من سيف أبوزيد، مدير أكاديمية التحرير، وهبة الجزار، الباحثة الاقتصادية فى البنك الدولى، ومحمد زعزوع، مؤسس مؤسسة مصريون أصحاء، وأدارت الجلسة منى موافى، مؤسسة، رئيسة شركة انهضى يا مصر.
استهل «أبوزيد» الحديث عن أكاديمية التحرير التى باشرت عملها بعد الثورة وقامت بتقديم محتوى تعليمى لأكثر من 100 ألف مواطن فى مصر والعالم العربى، لكن تم إغلاق الأكاديمية منذ شهرين بسبب نقص الموارد.
واتفق المشاركون فى النهاية على حالة عدم الثقة والأولوية الأمنية، فيما يتعلق بالتشريعات والقوانين المنظمة للمجتمع المدنى والمشروعات الصغيرة.