*أثرى الحياة الثقافية في الإسكندرية وأجبر أثينا على الاعتراف بالأدب اليوناني في المهجر
في مطلع القرن العشرين، كانت مصر وجهة ومقصدا للأجانب المغامرين الذين رأوا فيها فرصة للثراء السريع والسهل، فيما كان يعيش أهلها سنين عجاف. من بين من جاءوا إليها بحثا عن الرزق الشاعر اليوناني بيتروس ماغنيس الذي خرج من بلاده شابا وقصد بضعة دول قبل أن ينتهى به المطاف على ضفاف النيل.
في مجلة “المجلة”، كتب الدكتور نعيم طه عام 1965 مقالا بعنوان “شاعر يوناني في الصعيد” متحدثا عن حياة ماغنيس في مصر التي جاء إليها عام 1903 وهو في الثالثة والعشرين من العمر ليشتغل بتجارة الأقطان في الصعيد حيث عاش متجولا بين قرى قريبة ونائية في محافظات بني سويف والمنيا وسوهاج وأسيوط وتحديدا في بني سويف وجرجا وأبو تيج وملوي. لا توجد الكثير من التفاصيل عن حياة ماغنيس في جنوب مصر بعكس حياته في الإسكندرية التي عاش بها وأثرى الحياة الشعرية والأدبية حتى مات عام 1953 وعرف عنه ميله للاشتراكية ووقوفه إلى صف الكادحين.
ولد ماغنيس في مدينة زاغورا باليونان ودرس الحقوق والتجارة بأثينا، ونشر ديوانه الأول عام 1900 بعنوان خفقات الأجنحة وكان منذ صباه يتخذ من الشعر وسيلة للتعبير عن عواطفه بالرغم من أن شغف أبيه بالأدب القديم تسبب في منع دخول الكتب الحديثة لبيت ماغنيس وهو صغير. وانحصرت سعادته في الشغف بالطبيعة والذي عبر عنه في قصائد بدائية.
كانت الصورة عن اليونانيين خارج البلاد أنهم قصدوها من أجل الثروات وأنهم ينقصهم الإبداع بل ذهب البعض إلى حد القول أن وجهتهم يجب أن تقتصر على التجارة فحسب أما أثينا والجزر السبع واليونان الأم فهي التي تقدم الموسيقيين والأدباء اللامعين، لكن ماغنيس أثبت عكس ذلك.
يذكر المقال أن ماغنيس أرسل باسم مستعار هو كوستاكامل قصيدة إلى أثينا لمجلة نوما، وأنه نشر إحدى قصائده بمجلة “الحياة الجديدة” السكندرية التي تعرف بمحرريها ثم اختير في 15 أكتوبر 1908 عضوا في هيئة تحرير المجلة التي سعى لتخليصها من بقايا “الحذلقة اللغوية”. وفي 9 نوفمبر من نفس السنة أضحت لغة المجلة لغة الشعب الحية فلا هي للفصحي ولا هي للسوقية مما جعل مجلة نوما الأثينية تكتب قائلة: “بحياة جديدة حقا ورد إلينا العدد الأخير من الحياة الجديدة السكندرية”، وذلك في اعتراف من جانب الوسط الثقافي في أثينا بمجلة أدبية صادرة في مصر.
وفي 1943، كتب جريجوري كسينوبولوس، الأديب اليوناني الكبير، عن الأدب السكندري قائلا إن ماغنيس شاعر لامع وربما كان أعظم الشعراء بعد كافافيس. وتدين حركة الكتابة باللغة الشعبية لماغنيس بالكثير إذ وقف مؤيدا لها في آخر أيامه.