كتب – أمير الشعار
حياة مأساوية يعيشها مسلمو الروهينجا في ميانمار، حيث الاضطهاد والتعذيب والقتل وسفك الدماء، إلى أن تحول الإقليم إلى حملة إبادة جماعية ووصل الأمر إلى حرق المسلمين على يد البوذيين وهم أحياء، دون حراك للمجتمع الدولي.
ولكن حقيقة الأمر أن التاريخ أكد على أن قصة المسلمين ليست جديدة بل هي تاريخية، حيث أنه في عام 1784م احتُلت أراكان من قِبَل الملك البوذي (بوداباي) الذي عكف على تقويد الإقليم خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة، إلى أن احُتلِت من قبل بريطانيا، التي خشيت من نفوذ المسلمين وكثرتهم، فعمدت على تحريض البوذيين وأمدتهم بالسلاح إلى أن أوقعوا بالمسلمين في مذبحة تاريخية عام 1942.
وبعد حصول ميانمار على الاستقلال، لم تتغير أحوال المسلمين الروهينجا، حيث قام البوذيين بإذاقتهم الويلات وإبادة أبنائهم وهجرهم قسرًا من أرضهم وديارهم وسط غياب تام للإعلام.
وما لبث أن تصاعدت وتيرة الأحداث بين مسلمي بورما والبوذيين، حيث أقدم الجيش البورمى في 3 يونيو 2012 على قتل 11 رجلًا مسلمًا بلا ذنب بعدما أنزلوهم فجأة من الحافلات، الأمر الذى أدى إلى اندلاع مظاهرات واحتجاجات عنيفة في إقليم أراكان، واشتبكت أبناء روهينجا المسلمة مع البوذيون الراخين غربي بورما، وقتل في تلك الأحداث أكثر من 50 شخصًا وأحرقت آلاف المنازل.
وسرعان ما تغيرت الأحداث ومرت الأعوام تباعًا وأصبحت الديمقراطية هي عنوان “ميانمار” الجديدة، وبدأ البرلمان في التشكيل، ونجحت ولاية أراكان ذات الأغلبية الماغية الحصول على 36 مقعداً في البرلمان، أعطي منها 43 مقعداً للبوذيين الماغين و3مقاعد فقط للمسلمين.
ورغم حصول المسلمين على مقاعد برلمانية، إلا أن الحكومة لم تعترف بتواجدهم، وبدأت في تهميشهم رغم المطالبات الدولية بالإبقاء عليهم وإشراكهم في الحياة السياسية.
وقبل انفجار الأزمة في عام 2012 أعلنت الحكومة الميانمارية بمنح بطاقة المواطنة للروهنجيين في أراكان، الأمر الذي تسبب في صفعة كبيرة للماغيين، الذين يرفضون تواجد الروهينجيين، الذين يسعون لانتشار الإسلام.
ثم قام الماغيون بالتخطيط لإحداث فوضى داخل صفوف المسلمين، ليكون مبررًا لهم لتغيير موقف الحكومة تجاه المسلمين الروهنجيين، ليصوروهم على أنهم إرهابيون، ويتوقف بعد ذلك قرار الاعتراف بهم، إضافة إلى ذلك خلق فرصة ملائمة لإبادتهم، وسط غياب الإعلام.
ومن هنا بدأ تحركات الماغيون، حيث قاموا برصد تحركات المسلمين في إحدى البلدات، وبدأوا في تتبع خطواتهم إلى أن تمكنوا من محاصرة علماء مسلمين من بورما وأراكان، وألحقوا بهم أشد العذاب وارتكبوا على إثرها مذبحة كبرى عن طريق سفك دمائهم، في مشهد مأسواي انعدمت فيه الروح الإنسانية.
وعلى الرغم من تدخل المنظمات الحقوقية ومناشدتها للمجتمع الدولي مؤخرًا بمناقشة الأزمة من قبل الأمم المتحدة ومنظمة آسيان، إلا أن شيئًا لم يتغير حتى يومنا هذا، وظلت الأزمة مستمرة ومسلسل الإبادة لم ينتهي، لتعاد إلى أذهاننا جرائم القرن الماضي، حيث القتل والتعذيب والتهجير وحرق للمنازل والأحياء وسط سبات عميق للعالم.